مقابلة - مدرب التمثيل | جيرالد جيمس

ما هي مسؤوليتك كمدرب تمثيل؟

مسؤوليتي تجاه الممثلين هي إكتشاف جوهرهم ومواهبهم وأفضل ما فيهم، بقدر كبير من العناية والاحترام لمقدراتهم الفنية، أعمل جاهداً على صقل مواهبهم ليتمكنوا من رؤيتها بنفسهم. هذه مسؤوليتي، مساعدتهم على معرفة هويتهم الفنية حتى يتمكنوا من تطبيق مهاراتهم في التمثيل، كما أنني أتأكد من إستقلاليتهم بأن أدفعهم نحو التحدي وأتركهم يستكشفوا الطريق الفني بنفسهم.

ما هي وجهة نظر مدرب التمثيل أو القائد؟

هناك مصطلح بوذي يقول “وجهة نظر القائد هي وجهة نظر التابعين”. ففي المؤسسات التعليمية أو المدارس مثلاً يمكنك التعرُف على مبادئ الاساتذة من مراقبة وملاحظة تصرفات الطُلاب، والتعامل فيما بينهم إن كانوا يحترمون بعضهم البعض، أو لا يحترمون بعضهم البعض، تعرف إذا كانوا يتعاملون بحرية أو بهمجية ووحشية، كل هذه التفاصيل عن الطُلاب تخبرك عن قائدهم.

في عملي كمدرب تمثيل، أنا شخص روحاني للغاية وأجعل من هدفي التأمل قبل أن أذهب إلى المحاضرات، وأتاكد انني أرى جوهر طُلابي، وأن أصنع بيئة آمنة يتمكنوا فيها من تجريب إمكانياتهم من السكون الى الإنفجار والتأكد أن لا شيء من مخاوفهم سيسحبهم للخلف، أو يؤثر فيهم سلباً، أو يؤخرهم عن التطور بأي طريقة.

الممثلين يحتاجون للرعاية تماماً مثل فراشة داخل يرقة داخل شرنقة إذا تم تركها بالخارج، أو إذا تم فتحها مبكرًا فلن تصبح فراشة أبدًا، لذا فقط أعمل على إيصال الجميع إلى المرحلة التي يستطيعون فيها فرد أجنحتهم ويجعلهم شعرون بالأمان ودعمهم للقيام بأفضل آداء.

ايهما افضل؛ الدراسة الذاتية أو المشاركة في ورش عمل مع مجموعات أخرى؟

أعتقد أن أفضل فائدة للممثل هي العمل في مجموعات، فالعمل في مجموعات يطرح جميع القضايا التي يتوجب على الممثل التعامل معها؛ مثل العمل مع ممثلين آخرين، وآراء الممثلين الآخرين، وتجربة التعرض للانتقاد، ومراقبة الآخرين، والتعلم.

أحياناً، يكون من الصعب جدًا التعلم إذا كنت تتلقى تعليمات مباشرة، فالتعليمات المباشرة في بعض الأحيان تستفز مشاعر من الماضي أو تُذكر الممثل بمشاكل شخصية. على سبيل المثال، عندما يقدم لي الأشخاص تصحيحات أو نصائح، هناك الكثير من الأمور الشخصية التي أتذكرها، وقد أبدأ في التشكيك في نفسي؛ هل يمكنني أن أفعل ذلك؟ هل أفعل ذلك بطريقة صحيحة؟ هل فعلت شيئا خطأ؟ لذلك، من الصعب إستيعاب النصيحة الفعلية. لكن عندما تراقب الممثلين الآخرين في مجموعتك، فأنت ترى شخص آخر يُقال له نفس الشيء، ويمنحك ذلك شعورًا بالحرية، يمكنك الاستماع دون الاضطرار إلى التعامل مع مشاكلك الخاصة. لذلك في مجموعات العمل يركز الممثل أكثر على الفهم، ومراقبة الأشخاص الآخرين وهم يتعاملون مع الأشياء ومُلاحظة أخطائهم والتعلم منها.

تجربة التمثيل هي تجربة فريدة ومختلفة تمامًا، ومشاهدة شخص آخر مندمج في الفعل التمثيلي وكيفية تفاعله مع شخص آخر هي طريقة رائعة للتعلم.

كيف تساعد علاقة الطلاب مع بعضهم البعض في التعلم؟

أحب دائمًا أن تكون لدي مجموعة متساوية من الرجال والنساء، بحيث تكون هناك أنواع مختلفة من الأشخاص ليتعامو مع بعضهم البعض. هنالك مقولة تقول: “ضع مجموعة من البطاطس المليئة بالتراب معًا وسوف تنظف بعضها البعض”، لأنها تحتك وتزيل غبار بعضها البعض. إذا كانت حبة بطاطس واحدة فربما تأتي بعض الرياح وتزيل هذا الغبار، لكن عندما تحتك حبات البطاطس فإنها تصبح نظيفة. تماماً مثل الممثلين، يجب عليهم مساعدة بعضهم البعض لصقل مهاراتهم، ومهمتي كمدرب ممثلين وقائد هي خلق جو يتم فيه احتواء عملية التعلم و عملية إحتكاكهم مع بعضهم، ليتمكنوا من التعبير عن أفضل وأسوأ ما فيهم في بيئة آمنة.

أقول للطلاب عندما يأتون إلى ورشة العمل “أنتم من يصنع الورشة”، من خلال كيفية تفاعلكم مع بعضكم البعض. وكمدرب، يمكنني أن أقول الكثير من الأشياء للطلاب، ويمكنني طرح النظريات والمواقف الافتراضية، لكن التطور الحقيقي لن يحدث إلا بعد أن يختبروا ذلك في الورشة ويواجهون بعض التحديات وذلك يفتح الباب أمامي لتعليمهم ما يحتاجون إليه بالضبط.

ما الفرق بين الممارسة والقراءة عن التمثيل؟ لأنه في بعض الأحيان يقرأ الناس الكثير من الكتب ويعتقدون أنها جيدة!

في وقت سابق من مسيرتي المهنية قرأت بعض الكتب، لكن بعد التجربة العملية أدركت أنه عندما يكون اكتساب المعرفة في التمثيل نظريًا فقط، لا يتم تنشيط الجسد، وإذا لم أتمكن من تنشيط الجسد “الأداة” فكيف سأستخدمه للأداء؟

على سبيل المثال هل ستطلبمن شخصاً لا يعرف كيفية قيادة السيارة أن يقود في الطريق العام فقط لأنه قرأ كتاباً عن قيادة السيارات؟ لا، أنت بحاجة إلى أن يمتلك هذا الشخص الخبرة العملية. قراءة الكتب أمر رائع ومفيد جداً، نحن ندرس الكتب ونقرأها، ولكننا مهم جدأ أن ندمج هذه القراءة النظرية بالتجربة العملية والتأكد من أننا نقرأ داخل التمارين، وقبل التمارين وبعدها، وقبل المشهد وبعده، حتى يتمكن الناس من التعرف على المعرفة وتطبيقها في نفس الوقت.

من هو الممثل الجيد؟

أنظر إلى العمل الذي أقوم به ونقول إننا نصنع الفنانين. نحن ندعم آلة الممثل، لذلك لا يتعلق الأمر بالتمثيل بقدر ما يتعلق بتنمية الآلة، كون الآلة هي الجسد والصوت والتفكير وطريقة النظر إلى الأشياء، والممثل الجيد هو شخص يدرك من هو، فيمكنك بسهولة التعرف على من يصقل أدواته باستمرار، يدربها، يتحداها، ويمارسها. أعتقد أن هذا ما يجعل الممثل جيدًا.

ستأتي الأدوار، وسيكون المخرجون متوفرين، وسيكون الإنتاج موجودًا، ولكن الممثل الجيد هو شخص لديه أداة متطورة يمكنه وضعها في أي موقف، تمامًا مثل سيارة مرسيدس يمكنها العمل في أي منطقة في أي نوع من أنواع الطقس، في بعض الأحيان يكون الأداء أسرع قليلاً وأحيانًا أبطأ ولكنها ستعمل دائماً، وهذا عمل الممثل هو أن يطور أدواته دائمًا وهذا ما يجعل الممثل جيدًا في رأئي.

كيف يتفاعل الممثل مع المواقف المختلفة بشكل طبيعي؟ لكي يتفاعل االممثل بشكل طبيعي،هل يجب أن يكون مسترخي قليلاً؟

يجب أن يكون مسترخي جداً وليس قليلاً. لأن الناس لديهم أفكار مختلفة عن مفهوم الإسترخاء. نقول استرخِ ونسترخي إلى الحد الذي نفهم فيه الاسترخاء. الأمر أبعد من ذلك لأن الناس في عقلهم الباطني لديهم توترات مدمجة في أجسادهم: توترات اجتماعية، وتوترات عائلية، وتوترات مالية، وتوترات فكرية، وتوترات فلسفية. هذه نقطة أطرحها دائمًا في الورشة عندما نبدأ لأول مرة.

في اللحظة التي يضرب فيها الحيوان المنوي البويضة في الرحم، يبدأ الطفل في تلقي المعلومات، فمثلاً عندما يغني الأب في بطن الأم الحامل وعندما يولد الطفل يتعرف على صوت الأب. لذا، بحلول الوقت الذي يولد فيه هذا الطفل، تكون هناك تسعة أشهر من المعلومات! الكثير من البرمجة، برمجة غير مفهومة ولكنها تُسمى بالبرمجة الاهتزازية. لذلك عندما نكبر فغن جسدنا يكون قد تشبع بذبذبات مختلفة تتحكم في عقلنا الباطني وتعطينا مؤشرات عن الكون من حولنا، مثل الشعور بأن شيئاً ما يشعرنا بالارتياح وآخر يشعرنا بالسوء. كل هذا تمت برمجته في الجسد.

كمدرب تمثيل وكفنان، يجب علي أن أستمتع بهذه البرمجة الداخلية لأنها تُشكل وجهة نظري ولكن يجب علي في نفس الوقت تفكيك تلك البرامج حتى يكون لدي مستوى من الحرية للدخول في عالم آخر مختلف عن شخصيتي. والوصول الى الأماكن التي تمكنني من لعب دور أشخاص مختلفين تماماً عني، وإدراك أن ما يجعلهم مختلفين عني هو برمجتهم الداخلية، لذا لكي أتمكن من لعب دورهم فهو أن أكون قادرًا على أن الإنفتاح، ويمكننا فعل ذلك عن طريق شئ واحد فقط، وهو “التمرين والتدريب المكثف”.

كمدرب تمثيل، ما هو هدفك؟

أنا جاد جداً فيما يتعلق بهدفي في الحياة، أحياناً أفكر ما الذي سأتركه خلفي بعد الممات؟ أنا لست ثريًا، ليس لدي أي فيلم عظيم، مثل الأفلام الضخمة التي فازت بجوائز الأوسكار أو أشياء من هذا القبيلز ليس لدي أعمال يمكن أن أتركها خلفي كذكرى. ولكني أترك شيئاً مختلف تماماً، “الفنان المُتطور فنياً”.

سألني أحدهم ذات مرة عن سبب مجيئي إلى مصر. فقلت له أنني أنظر إليك وأعتقد الآن أن هناك شيئًا واحدًا فقط يمكنني تركه للمستقبل، وهو “الفنان المتطور”. إذا كان بإمكاني المساعدة على خلق وتطوير الفنانين الذين يكرسون جهودهم للمس قلوب الآخرين بأعمالهم وتنمية أدواتهم، فلا يهم ما يعتقد أي شخص أنني تركته، لأنني أعلم أنه داخل الممثل الذي أعمل معه هناك شرارة ستخرج وتلمس شخصًا ما. ولست بحاجة لرؤية نتيجة عملي، ولكن بطريقة ما، آمل أن يكون هذا الإنجاز إضافة صغيرة بالنسبة لي.

الفيديوهات يمكنك مشاهدتها كاملة

هاجر سليمان

: ترجمه للعربية واعاده الصيغه

مايا عبدالحليم

إعداد واداره الحوار

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Post comment